توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خروج من سوريا بعد الخروج من لبنان

  مصر اليوم -

خروج من سوريا بعد الخروج من لبنان

بقلم خيرالله خيرالله

انسحب الروس أم لم ينسحبوا، بات مصير بشار محسوما. كل ما فعله الرجل أنه لعب الدور المطلوب منه أن يلعبه في تدمير سوريا وتفتيتها وتحويلها مرتعا للميليشيات المذهبية.
بدأ الانسحاب الروسي من سوريا أم لم يبدأ… هل هو مناورة أم انسحاب حقيقي؟ الأكيد أن شيئا حصل يؤكد أنه لم يعد من أمل لدى موسكو في المراهنة على بشّار الأسد.
ليس سرّا أن الإعلان الروسي عن بدء الانسحاب من سوريا في الرابع عشر من آذار- مارس 2016 ليس حدثا عاديا. هل صدفة أنه يأتي بعد الرابع عشر من آذار اللبناني في العام 2005 الذي أخرج القوات السورية من لبنان؟ هل يُخرج الرابع عشر من آذار السوري بشّار من سوريا بعدما أخرجه الرابع عشر من آذار 2005 من لبنان؟

في أيلول ـ سبتمبر الماضي، بدأ التدخل الروسي المباشر في الحرب على الشعب السوري. تحدّثت موسكو، تحت غطاء محاربة “داعش”، عن ضرورة إنقاذ بشّار الأسد الذي صار نظامه في حال “موت سريري”. هل كان فلاديمير بوتين يريد إنقاذ بشّار الأسد أم المزايدة على رأسه من أجل ثمن تريد روسيا قبضه؟

استطاع فلاديمير بوتين توفير جرعة حياة جديدة لبشّار الأسد ونظامه، وذلك بعدما تبيّن أن الميليشيات المذهبية التي أرسلتها إيران إلى سوريا، في مقدّمتها ميليشيا “حزب الله” اللبنانية، لم تعد قادرة على تنفيذ المطلوب منها. تحرّك بوتين في الوقت المناسب بتنسيق مباشر مع إيران وإسرائيل في الوقت ذاته. من يتذكّر أن الجنرال قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني زار موسكو قبيل التدخل العسكري المباشر لروسيا؟

كذلك، لم يتأخّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن المجيء إلى موسكو لتأكيد وجود تفاهم روسي- إسرائيلي في شأن كل ما له علاقة بالموضوع السوري من قريب أو بعيد. فعندما اكتشفت إسرائيل أن هناك من يحضّر لعمليات تستهدفها تنطلق من الجولان، سارعت إلى اغتيال سمير القنطار، وهو درزي لبناني كان في سجونها إثر تنفيذه عملية استهدفت سكّان إحدى المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود اللبنانية في سبعينات القرن الماضي. لم يكن سمير القنطار سوى أداة إيرانية انتهى مفعولها عندما صار واضحا أن لا شيء يعلو على التفاهم الروسي- الإسرائيلي في سوريا.

لم يكن استهداف القنطار بتلك الدقة سوى نتيجة للتنسيق الروسي- الإسرائيلي الذي يعكس رهانا على بشّار الأسد ونظامه في ظلّ شروط معيّنة ولأجل معيّن ومحدّد. بالنسبة إلى إسرائيل، ليس هناك أفضل من النظام السوري الذي يحترم كلّ الاتفاقات الشفهية بتفاصيل التفاصيل منذ توقيع اتفاق فصل القوّات بين البلدين في العام 1974، بإشراف هنري كيسينجر وزير الخارجية الأميركية وقتذاك، ورعايته.

ساد هدوء تام الجبهة بين سوريا وإسرائيل واتفق الجانبان، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على أن يكون جنوب لبنان هو الملعب أو على الأصحّ “الساحة” التي تصلح لتبادل الرسائل بين الجانبيْن على حساب لبنان واللبنانيين وأهل الجنوب على وجه التحديد.

يكمن جديد الإعلان الروسي عن بدء الانسحاب العسكري من سوريا في أنّ هناك تطورا طرأ على الأرض، في وقت بدأت في جنيف جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والمعارضة بإشراف الأمم المتحدة.

ليس سرّا أنّ روسيا اكتشفت أن بشّار الأسد لم يعد يمتلك قوّات تستطيع الاستفادة من الغارات الجوية التي نفّذتها. وليس سرّا أيضا أنّ روسيا تبحث عن ثمن لرأس بشّار الأسد.

أكثر من ذلك، ليس سرّا أن إيران ما زالت متمسّكة ببشار الأسد وبإمكان إقامة دويلة تحت سيطرته، ذات امتداد في لبنان. مثل هذه الدويلة تؤمّن لإيران جسرا إلى “حزب الله” الذي يسيطر على مقدرات الدولة البنانية، والذي يظلّ، إلى إشعار آخر، كنزا ثمينا لا خيار آخر لدى طهران سوى المحافظة عليه. مثل هذا المشروع الإيراني قائم على وهم أكثر من أي شيء آخر لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى أنه ليس في الإمكان إقامة دويلة في سوريا ليس فيها أكثرية سنّية مهما اشترت إيران من أراض، ومهما قامت بعمليات تطهير ذات طابع مذهبي.

هذا سبب أكثر من كاف لاقتناع موسكو بأن ليس في الإمكان الذهاب بعيدا في التنسيق مع إيران، بدل جني مكاسب تصب في خدمة المصالح الروسية بالاتفاق مع الإدارة الأميركية. في مقدّمة هذه المصالح الروسية إغلاق الساحل السوري في وجه أي أنابيب للغاز يمكن أن يكون مصدرها الخليج العربي، ووضع اليد على حقول الغاز السوري التي تشكّل ثروة كبيرة.

انسحب الروس أم لم ينسحبوا، بات مصير بشّار محسوما. كلّ ما فعله الرجل أنّه لعب الدور المطلوب منه أن يلعبه في تدمير سوريا وتفتيتها وتحويلها مرتعا للميليشيات المذهبية الآتية من لبنان والعراق وأفغانستان.

مهما تحدّث النظام السوري عن تنسيق مع موسكو في شأن الانسحاب العسكري الروسي، يظلّ السؤال المطروح هل اقتنع بوتين بأن لا مفرّ من قبض ثمن رأس بشّار قبل فوات الأوان؟

في غياب الأجوبة الواضحة والحاسمة عن مثل هذا السؤال، ما لا بدّ من ملاحظته أنّ هناك ارتفاعا لأسعار النفط في الأيام القليلة الماضية. مثل هذا الارتفاع للأسعار لا يمكن سوى أن يسرّ الرئيس الروسي الذي يمر بلده بأزمة اقتصادية عميقة، كما يعرف قبل غيره أنّ روسيا ليست دولة عظمى. يدرك بوتين أنّ كل ما تستطيع روسيا عمله يتمثّل في الاستفادة من تخاذل رئيس أميركي اسمه باراك أوباما يختزل مشاكل الشرق الأوسط وأزماته بالملفّ النووي الإيراني.

ما ثمن رأس بشار الأسد؟ هل قبض بوتين الثمن أو بعض الثمن سلفا؟ هل ارتفاع أسعار النفط دفعة أولى، على الحساب، أقنعت بوتين بأن الرهان على بشّار الأسد رهان خاسر… هذا إذا كان الرئيس الروسي قبِل يومًا الدخول في مثل هذا الرهان!

في كلّ الأحوال، قلب بوتين الطاولة على بشّار. لديه حسابات لا علاقة لها بحسابات النظام الذي سارع، مجددا، إلى الاستنجاد بإيران. هل نسي النظام أن إيران جرّبت حظها في سوريا ولم تجد في النهاية سوى الاستنجاد بسلاح الجو الروسي؟

للمرّة الألف، أنْ تعرف كيف تخسر في السياسة والحرب أهمّ بكثير من أن تعرف كيف تربح. تبيّن، بكل بساطة، أن الأسد الابن لا يعرف لا كيف يخسر ولا كيف يربح. لا يعرف من الربح سوى الانتصار على اللبنانيين والسوريين. آن أوان انتصار اللبنانيين والسوريين على نظام لم يجلب للبلدين سوى الدمار والتخلّف والغرائز المذهبية، مباشرة أو بالوكالة.

 

GMT 07:32 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

السودان والرهان العربي

GMT 07:45 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

علي عبدالله صالح صنع الحوثيين فقتلوه

GMT 07:41 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

GMT 07:25 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

معركة بين ثقافتي الحياة والموت في تونس

GMT 02:10 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الاستقلال… فرصة ضائعة في الجنوب اليمني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خروج من سوريا بعد الخروج من لبنان خروج من سوريا بعد الخروج من لبنان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon