توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوباما والخليج... والرهان على سراب

  مصر اليوم -

أوباما والخليج والرهان على سراب

بقلم خيرالله خيرالله

لماذا تمنع إيران لبنان من أن يكون لديه رئيس للجمهورية؟ متى يجيب الرئيس الأميركي عن هذا السؤال، يصبح في الإمكان الرهان على قوى معتدلة تمتلك بعض العقلانية في إيران.

هناك قمم لا تقدّم ولا تؤخّر، كما حال القمة التي عقدها قادة “مجلس التعاون لدول الخليج العربية” مع الرئيس باراك أوباما في الرياض. لم يكن مطلوبا من الرئيس الأميركي الانحياز، كلّيا، إلى مواقف دول الخليج العربي، بمقدار ما كان مطلوبا ترجمة كلامه إلى أفعال. هل في وارد أوباما، الذي سيغادر البيت الأبيض في غضون ثمانية أشهر، الانتقال من الكـلام إلى الأفعـال؟
يبقى الكلام الجميل، في نهاية المطاف، كلاما جميلا في غياب الترجمة على الأرض. ولهذا السبب، وليس لغيره، اتخذّت دول مجلس التعاون، في معظمها، إجراءات تعكس استيعابها الباكر لخطورة الاعتماد على إدارة أميـركية يهمها تقـديم النصائح من بعيد وقول كلام كبير من دون ما يشير إلى رغبة في أن يكون لهذا الكلام معنى حقيقي.

بكلام أوضح، لم تقدم إدارة أوباما على أيّ خطوة يمكن أن يُفهم منها أنّها تسعى إلى فهم ما يدور في الشرق الأوسط.

أين نجح أوباما، ولو نسبيا، حتّى يمكن القول أن في الإمكان الاعتماد عليه؟ هل نجاحه في التوصّل إلى اتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني نجاح؟

ما هي الدلائل التي تشير إلى أن إيران تغيّرت بعد هذا الاتفاق، في وقت تؤكّد كل الدلائل أن إيران زادت عدوانية، على كلّ صعيد وفي كلّ مجال، متسلّحة بالاتفاق في شأن ملفّها النووي.

قال أوباما في الرياض كلاما كبيرا ومهمّا في آن. من بين هـذا الكلام، ذلـك الذي توجّه به إلى إيران شاكيا من دورها في مجال تشجيع الإرهاب وزعزعة الاستقرار، خصوصا عبر أدواتها الإقليمية، من نوع “حزب الله”.

لا تكمن مشكلة أوباما في أنّه لا يعرف الكثير عن الشرق الأوسط فحسب، بل في أنّه يقول أيضا الشيء وعكسه في الوقت ذاته، وذلك من منطلق أنّ الشخص الذي أمامه ساذج!

من بين ما قاله الرئيس الأميركي في الرياض تنديده بـ”النشاطات الإيرانية التي تستهدف ضرب الاستقرار”. دعا في الخطاب ذاته إلى التعاطي مع القوى التي تتمتع بنوع مـن “العقلانية” في إيران. فاته أن يحدّد من هي هذه القوى، ومدى نفوذها وتأثيرها.

ليس في الإمكان تجاهل أن هنـاك قـوى في “الجمهـوريـة الإسلامية” تتمتّـع بحدّ أدنى مـن العقـلانية. حقّـقت هذه القـوى تقدّما في الانتخابات الأخيرة. هذا واقع لا مفرّ من الاعتراف به.

لكنّ الواقع الآخر الذي لا يمكن تجاوزه هو ذلك الـذي يختزله سؤال في غايـة البسـاطة: أيـن استطاعت هذه القوى التي تتمتع بالعقلانية إحـداث أيّ تغيير على صعيد السيـاسة الخارجية لإيران، وهي سيـاسـة قائمة على مشـروع توسّعي من جهة، واستخـدام ميليشيـات لبنـانية وعـراقية وأفغانية تابعة لـ“الحرس الثوري”، لتعميق الشرخ المذهبي بين المسلمين من جهة أخرى.

لا تنقص الأمكنة التي تستطيع فيها إيران إظهار حسن نيتها وبعض التوجه العقلاني. ولكن، أين وجدنا تأثيرا يذكر للقوى الإيرانية التي يدعو أوباما إلى التعاطي معها؟

المؤسف أن ليس ما يثبت، أقلّه إلى الآن، أن لهذه القوى أي تأثير من أيّ نوع. لا يشبه تأثير هذه القوى سوى تأثير أوباما في سوريا. هناك شعب يذبح يوميا، فيما الرئيس الأميركي يتفرّج. هذا الشعب الذي اسمه الشعب السوري يتعرّض لهجمة وحشية لا مثيل لها في التاريخ الحديث. هناك مشاركة روسية في المجزرة السورية. هناك مشاركة إيرانية مباشرة وغير مباشرة في حرب الإبادة التي تستهدف السوريين. أين استطاعت القوى المعتدلة التي يتحدث عنها أوباما ممارسة دور ما من أجل وضع حدّ للمأساة السورية؟

لم يحدث شيء من هذا القبيل. هناك، بكل بساطة، حرب يتعرّض لها الشعب السوري على يد نظام أخذ على عاتقه الانتهاء من سوريا التي عرفناها بمشاركة إيرانية مباشرة.

إذا وضعنا سوريا جانبا، ما الدور الذي تمارسه إيران في العراق؟ ما الذي فعلته قوى الاعتدال الإيرانية من أجل وضع حدّ لحرب داخلية استفاد منها “داعش” الذي تدّعي الإدارة الأميركية محاربته؟

تكمن مشكلة أوباما في أنّه وضع نفسه في خدمة المشروع الإيراني في العراق. هذا المشروع لا يخدم بدوره سوى “داعش” ومن على شاكلة “داعش”. هذا المشروع مصيبة كبرى كونه يوفّر حاضنة لكلّ قوى التطرّف أكانت سنّية أم شيعية.

ما الذي يمكن أن يدفع دول الخليج العربي إلى التعاطي بطريقة مختلفة مع الإدارة الأميركية، ما دامت هذه الإدارة ارتضت، مجددا، أن تكون مطيّة لإيران في العراق؟

تهبّ الولايات المتحدة هذه الأيّام إلى نجدة حكومة حيدر العبادي، أي إلى نجدة إيران في العراق. يأتي ذلك في وقت لم تظهر حكومة العبادي في أيّ لحظة أن في استطاعتها أن تكون حكومة غير مذهبية، أي أن تكون حكومة لكل العراق والعراقيين، بغض النظر عن المذهب والدين والقوميّة والمنطقة التي ينتمون إليها.

عندما تسود العقلانية في إيران، لا تعود من حاجة إلى قمة خليجية – أميركية. ما هو أكثر من طبيعي أن تسود علاقات تعاون وتنسيق بين إيران وجيرانها العرب من أجل زيادة خيرات المنطقة، وليس من أجل تقاسم النفوذ فيها كما طالب أوباما في حديثه الأخير مع مجلة “آتلانتيك”.

آخر ما تحتاج إليه المنطقة هو نصائح الرئيس الأميـركي الذي يبدو أنه يمتلك أجندة خاصة به تقوم على فكرة واحدة هي أنه يحقّ لإيران ما لا يحقّ لغيرها في المنطقة، وأن لا وجود سوى لـ“داعش” السنّي، فيما الدواعش الشيعية التي تقاتل في سوريا والعراق من النوع الحلال الذي لا علاقة له بالإرهاب والتطرّف من قريب أو بعيد. هل من إرهاب حلال، وآخر غير حلال؟

لا حاجة إلى الذهاب بعيدا في تقويم ما إذا كانت القمّة الخليجية – الأميركية أدّت إلى نتائج ملموسة.

لا حاجة إلى الذهاب إلى اليمن ومشاكله المعقّدة، وإلى المحاولة التي بذلتها إيران لوضع يدها على البلد عن طريق الحوثيين. لا حاجة إلى التساؤل لماذا هذا الإصرار الإيراني على بقاء بشّار الأسد في دمشق لمجرّد أنّه يرمز إلى النظام الأقلّوي في سوريا، وهو نظام مرفوض من الأكثرية الساحقة في البلد.

هناك سؤال أخير يمكن طرحه على باراك أوباما الذي سارع إلى الطلب من حسني مبارك الرحيل، معتقدا بسذاجة ليس بعدها سذاجة، أن الإخوان المسلمين يمكن أن يكـونوا الحكام الجدد للمنطقة، بل مستقبلها.

هذا السؤال الأخير هو الآتي: لماذا تمنع إيران لبنان من أن يكون لديه رئيس للجمهورية؟ متى يجيب الرئيس الأميركي عن هذا السؤال، يصبح في الإمكان الرهان على قوى معتدلة تمتلك بعض العقلانية في إيران.

ما عدا ذلـك، تبدو دعـوة العـرب، خصوصا أهل الخليج، إلى التعاطي مع هذه القوى أقرب إلى رهان على سراب من أيّ شيء آخر.

 

GMT 07:32 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

السودان والرهان العربي

GMT 07:45 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

علي عبدالله صالح صنع الحوثيين فقتلوه

GMT 07:41 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

GMT 07:25 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

معركة بين ثقافتي الحياة والموت في تونس

GMT 02:10 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الاستقلال… فرصة ضائعة في الجنوب اليمني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما والخليج والرهان على سراب أوباما والخليج والرهان على سراب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon