توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

'القيصر' في سورية… بين أميركا وإيران

  مصر اليوم -

القيصر في سورية… بين أميركا وإيران

بقلم : خير الله خير الله

هناك أحداث غريبة تدور في سوريا. تجري هذه الأحداث في وقت تبدو الإدارة الأميركية الجديدة مصمّمة أكثر من أيّ وقت على إخراج إيران وميليشياتها من هذا البلد في ظلّ السعي إلى تحقيق نوع من التفاهم بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين. هل يحصل مثل هذا التفاهم؟ أي انعكاسات ستكون له على العلاقة الإيرانية – الروسية، خصوصا في مجال التنسيق الذي لا يخلو من تنافس بين الجانبين في سوريا؟

ما الذي وراء الأحداث الغريبة التي تدور من سوريا أو محيطها، وكان آخرها انعقاد مؤتمر في بيروت ضمّ معارضين، من نوع معيّن، وموالين للنظام؟ من الملفت أن سفراء يمثلون دولا عدة في لبنان، من بينها روسيا، حضروا هذا المؤتمر.

كان هناك بحث في المؤتمر الذي استضافه أحد فنادق العاصمة اللبنانية في عودة أهل القصير إلى منازلهم وأرضهم. معروف جيدا من هجّر أهل القصير ولماذا كان مطلوبا تهجير هؤلاء من منطلق واضح. تختزل هذا المنطلق الرغبة في إقامة منطقة عازلة على طول الحدود اللبنانية – السورية خالية من السنّة. يطرح “حزب الله” نفسه وكأنّ لا علاقة له بتهجير أهل القصير والمشاركة في الحرب التي يشنّها النظام الأقلّوي على شعبه من منطلق مذهبي بحت.

لم تكن روسيا بعيدة عن مؤتمر بيروت، لكنّ اللاعب الأهمّ كان إيران، عبر “حزب الله. من الواضح أنّ الحزب، الذي بات يعرف أن لا مجال لتغيير طبيعة التركيبة السكانية في سوريا، بدأ يقيم حسابات للمستقبل. هل يترك المصالحة مع أهل السنّة لروسيا وحدها التي دخلت في تحالف استراتيجي مع تركيا والتي تنسّق كلّ خطوة تقوم بها مع إسرائيل؟

من الطبيعي أن يستوعب “حزب الله” أخيرا أن الدخول في عداء مع الشعب السوري خطأ كبير يرتكبه. سيأتي يوم يهدّد فيه السوريون العاديون أي مكان يوجد فيه “حزب الله”. بل يمكن لهذا العداء أن يصبح عداء سوريا لشيعة لبنان الذين لا علاقة لأكثريتهم بالحرب التي يشنّها “حزب الله” على الشعب السوري. سيتبيّن مع مرور الوقت ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت إيران، عبر أدواتها اللبنانية، إلى تنظيم مؤتمر في بيروت من أجل إعادة أهل القصير إلى أرضهم من منطلق أن خطر “داعش” و“التكفيريين” قد زال. هل زال الخطر فعلا بقدرة قادر بين ليلة وضحاها؟

هناك حدث غريب آخر شهدته سوريا في الفترة الماضية. ملأت الدنيا إشاعات عن مرض رئيس النظام بشّار الأسد ونقله إلى مستشفى لمعالجته من “جلطة”. بقيت هذه الإشاعات مجرّد إشاعات أطلقتها أجهزة روسية أو غير روسية لغرض في نفس يعقوب. لكنّ الثابت أن شيئا ما تحقّق من خلف إطلاق الإشاعات المتعلّقة بمرض رئيس النظام السوري. ظهر جليّا أن لا اهتمام داخليا في سوريا بصحّة “الرئيس”. مرض أم لم يمرض. المواطن السوري في عالم آخر، وآخر ما تهمّه الحال الصحّية لبشّار. لم يتأثر السوريون بالإشاعات، ولم يبتهجوا عندما شاهدوا رئيس النظام يسعى إلى تأكيد أنّه في صحة جيدة. لم يوجد من يطلق سهما ناريا أو رصاصة ابتهاج بظهور من يسمّى “الرئيس”. صار كلّ سوري يعرف أن البلد تحت استعمارين إيراني وروسي، وأنّ هناك مناطق نفوذ معترفا بها لتركيا وإسرائيل. صار السوري العادي يعرف أنّ النظام أصبح من الماضي، وأن السؤال الحقيقي بالنسبة إلى المستقبل هو ما الذي ستفعله الإدارة الأميركية، وهل ستدخل في صفقة مع روسيا وما تأثير هذه الصفقة، في حال إتمامها على العلاقات بين موسكو وطهران.

بعد أقلّ من شهر، تمرّ ست سنوات على اندلاع الثورة الشعبية في سوريا. كلّ الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية مخيفة، خصوصا الأرقام المتعلّقة بعدد القتلى والمهجّرين. الثابت الوحيد أنّ هناك دولة أزيلت من خارطة الشرق الأوسط. فكلّ كلام عن بقاء سوريا موحّدة لم يعد له معنى. ستنشأ كيانات عدّة في سوريا. لا يمكن لتركيا التخلي عن منطقة تابعة لها في الشمال السوري، خصوصا بعد الحلف الاستراتيجي الذي أقامته مع روسيا. سمح هذا الحلف لفلاديمير بوتين بكسب معركة حلب بسهولة. يعرف الرئيس الروسي تماما أن ذلك لم يكن ممكنا من دون التواطؤ التركي.

أتاح هذا الحلف الاستراتيجي لبوتين تحسين مواقعه في سوريا. بعد معركة حلب، صار في استطاعته التفاوض مع دونالد ترامب من موقع مختلف. هذا يفسّر كلّ ذلك الاستعجال في إنهاء كلّ موضوع حلب قبل نهاية العام 2016 وقبل دخول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني ـ يناير الماضي.

في نهاية المطاف، ما الذي تريده روسيا في سوريا باستثناء السيطرة على الساحل لأسباب مرتبطة بأنابيب الغاز الذي كان يمكن أن تصل إليه من الخليج؟ هل لدى روسيا نموذج ما تقدّمه لسوريا؟ ليس سرّا أن روسيا تعاني من أزمة اقتصادية عميقة، وأنّ فلاديمير بوتين يسعى بيديه ورجليه إلى التخلّص من العقوبات الأميركية والدولية المفروضة على بلاده منذ احتلالها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في العام 2014. صحيح أن شبه الجزيرة تلك كانت أصلا أرضا روسية، لكنّ الصحيح أيضا أنهّا أصبحت أوكرانية بعدما تخلّى عنها نيكيتا خروشوف لأوكرانيا عندما أصبح أمينا عاما للحزب الشيوعي السوفياتي خلفا لجوزيف ستالين في العام 1953.

ليس ما يدعو للغرق في تفاصيل الماضي، لكنّ الواقع يقول إن بوتين على عجلة من أمره بالنسبة إلى التخلص من العقوبات وعقد صفقة مع ترامب. إنه يعرف أنّ ذلك ليس ممكنا من دون إخراج إيران من هذا البلد. كيف يوفق “القيصر” بين أميركا وإيران؟ هل هذا ممكن عندما تكون هناك إدارة أميركية مستعدة لوضع “الحرس الثوري” الإيراني على لائحة الإرهاب؟

بعد ست سنوات على اندلاع الثورة السورية، ليست سوريا التي تغيّرت بل طبيعة الصراع على سوريا أيضا. معروف ماذا تريد تركيا ومعروف ماذا تريد إسرائيل. معروف أن هناك حلفا تركيا – روسيا في العمق وتفاهما روسيا تاما مع إسرائيل وأن العلاقات التركية – الإسرائيلية عادت إلى سابق عهدها بعد قطيعة استمرّت بضع سنوات.

ليست رغبة إيران في إعادة أهل القصير إلى بلدتهم سوى تعبير عن عمق المأزق الإيراني ووصول “الجمهورية الإسلامية” وأدواتها إلى طريق مسدود في سوريا.

في استطاعة إيران أن تشتري كل الأراضي التي تريد، وأن تهجّر مئات آلاف السوريين بهدف تغيير طبيعة دمشق ومحيطها في سياق عملية التدمير المنظّمة للمدن السورية الكبيرة. يبقى أن كلّ ذلك مجرّد أعمال إجرامية لا يمكن توظيفها سياسيا. فالدور الإيراني في سوريا انتهى في اليوم الذي سقط فيه النظام الأقلوي الجـاثم على صـدور السوريين منذ نصف قرن.

سقط النظام لحظة تحداه أطفال من درعا في مثل هذه الأيّام قبل ست سنوات. سقط قبل ذلك، عندما اضطر إلى التواطؤ في مثل هذه الأيّام أيضا من العام 2005 في جريمة اغتيال رفيق الحريري معتقدا أن ذلك سيبقيه في لبنان بمجرّد تمديد ولاية رئيس للجمهورية كان اسمه إميل لحّود رغم صدور قرار عن مجلس الأمن يرفض ذلك بوضوح ليس بعده وضوح…

 

GMT 00:40 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

أوراق فلسطينية

GMT 16:32 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

الوطن العربي... استشراف المستقبل

GMT 11:04 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

عن مكانة فلسطينيي 48 في العملية الوطنية

GMT 12:30 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

واشنطن تختار سوريا للمواجهة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيصر في سورية… بين أميركا وإيران القيصر في سورية… بين أميركا وإيران



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon