توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفريقيا والعودة المغربية

  مصر اليوم -

أفريقيا والعودة المغربية

بقلم : خير الله خير الله

تتكرّس عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، أو عودة الاتحاد الأفريقي إلى المغرب، بحضور الملك محمّد السادس قمة أديس أبابا. لا تكمن أهمّية المشاركة المغربية في أن المغرب موجود في القمّة للمرّة الأولى منذ العام 1984 فحسب، بل لأنّ لدى المغرب ما يقدّمه أيضا لدول الجوار المباشر، وللدول الأفريقية البعيدة عنه أو القريبة منه.

لديه ما يقدّمه بعيدا عن أي نوع من العقد التي تتحكّم ببعض من هذا الجوار أو بالدول البعيدة جغرافيا أو تلك القريبة. على رأس هذه العقد، عقدة المغرب نفسه، الذي يمثّل قصة نجاح على كلّ المستويات، خصوصا في مجال التنمية والإصلاحات السياسية والاقتصادية والحرب على الإرهاب والفقر، وكلّ ما له علاقة بالجهل والتطرّف.

منذ اعتلائه العرش في صيف العام 1999، ربط محمّد السادس بين الفقر من جهة، والتطرّف والإرهاب من جهة أخرى. لذلك ركّز على ضرورة خوض الحرب على الفقر بغية قطع الطريق على الإرهاب والتطرف، بدل الاستثمار فيهما كما تفعل دول أخرى تعمل كلّ شيء من أجل تشجيع الإرهاب، متى كان خارج أراضيها. المهمّ، بالنسبة إلى هذه الدول، أن يكون هذا الإرهاب سببا لإلحاق الضرر بالآخر، حتّى لو كان هذا الآخر الذي اسمه المملكة المغربية جارا مباشرا يمكن الاستفادة من تجربته. هناك من يستثمر في الإرهاب وفي متابعة حرب الاستنزاف التي يتعرّض لها المغرب المدافع عن وحدته الترابية وعن صحرائه المستعادة في العام 1975 من المستعمر الأسباني.

تأتي العودة المغربية إلى الاتحاد الأفريقي في وقت تمرّ فيه معظم دول القارة السمراء بظروف صعبة، خصوصا تلك الدول المنتجة للنفط والغاز. تحتاج أفريقيا إلى صوت عاقل يدعو إلى اهتمام كلّ دولة أفريقية بشؤونها الداخلية والعمل على تنمية مواردها واستغلال فرص التعاون مع جيرانها من أجل مستقبل أفضل، بدل السقوط في لعبة التجاذبات على الصعيديْن الدولي والإقليمي.

لا أفق سياسيا لمن يقبل الدخول في لعبة التجاذبات التي تعني، أوّل ما تعني، توظيف موارد الدولة في خدمة مشاريع خاسرة سلفا من نوع الاستثمار في حرب استنزاف تستهدف المغرب في أرض معروف تماما أنها أرضه هي “الصحراء المغربية”. من يستثمر في حرب الاستنزاف هذه، إنّما يحرم شعبه من أموال يفترض توظيفها في التنمية والحرب على الفقر والبؤس، بدل تشجيع انتشارهما مع ما يعنيه ذلك من تشجيع للإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.

لا شيء ينجح مثل النجاح. لذلك، جاءت عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي انطلاقا من قاعدة ثابتة بناها محمّد السادس لبنة لبنة. لم تأت هذه العودة من فراغ. على العكس من ذلك، هيأ محمّد السادس لهذه العودة عن طريق جولات عدة شملت دولا مختلفة في أفريقيا. من السنغال والغابون وروندا ونيجيريا وتنزانيا وإثيوبيا وكينيا ومدغشقر… إلى دولة جنوب السودان الفتيّة التي تحتاج إلى الكثير من الرعاية كي تبقى دولة موحدة. كان مهمّا أن تتشكل أكثرية واسعة تدعم الوجود المغربي في الاتحاد الأفريقي. كان مهمّا أكثر تأكيد الدور المحوري للمغرب أفريقيا، وتكريس علاقات من نوع جديد بين الجانبين تؤدي إلى قيام مشاريع مشتركة من بينها مشروع استغلال الفوسفات المغربي لإنتاج أسمدة تساهم في تطوير الزراعة الأفريقية.

في كلّ زيارة قام بها العاهل المغربي، كانت هناك مشاريع تنموية وأخرى مرتبطة بالتبادل التجاري وبناء مستشفيات ومستوصفات ومدارس ومصانع. هذا ما تحتاج إليه أفريقيا حيث نقص كبير في المدارس والمراكز الصحيّة. أكثر من ذلك، بدأ المغرب يدرّب أئمة يتخرجون من معاهده ويعملون على نشر الوسطية والإسلام الصحيح. إنها مساهمة في الحرب على الإرهاب والتطرّف وخدمة الدين الإسلامي وتقديم صورة صحيحة عنه.

ليس سرّا أن هناك قوى عملت وما زالت تعمل من أجل عرقلة العودة المغربية إلى الاتحاد الأفريقي، علما أنّ المغرب يعتبر إضافة إلى هذه المؤسسة الأفريقية المهمّة التي يفترض أن تلعب دورا في دعم الاستقرار في القارة.

لم يعد في استطاعة أي طرف منع المغرب من العودة إلى حيث يجب أن يكون. سجّل المغرب اعتراضه أواخر العام 1984 عندما انسحب من منظمة الوحدة الأفريقية التي ارتكبت جريمة قبول عضوية ما يسمّى “الجمهورية الصحراوية” عضوا في المنظمة. اتخذ ذلك القرار تحت تأثير دول معيّنة امتلكت وقتها إمكانات مادية واتصالات مكنتها من السعي إلى لعب دور المستعمر الجديد تحت شعار “حقّ تقرير المصير للشعوب”.

كان الهدف من هذه الخطوة استغلال وضع معيّن، خصوصا ظروف الحرب الباردة، لسلب الصحراء من المغرب وتحويلها إلى شبه دولة تدور في الفلك الجزائري. عالج المغرب الموضوع بالطريقة المناسبة. كان يدرك تماما أنّ الهدف من إدخال دولة وهمية، هي “الجمهورية الصحراوية”، إلى منظمة الوحدة الأفريقية، التي صارت لاحقا الاتحاد الأفريقي، إيجاد منفذ للجزائر على المحيط الأطلسي. لم تقبل الجزائر، في يوم من الأيّام، أنّها دولة مطلة فقط على البحر المتوسط، أرادت منفذا على الأطلسي. كان المغرب مستعدا دائما لتوفيره شرط احترام سيادته الكاملة على أراضيه. وبين هذه الأراضي الصحراء المغربية طبعا.

يعود المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في ظلّ تغيير في موازين القوى على صعيد القارة ونتيجة عمل دؤوب يصب في خدمة القارة. بين 1984 و2017 لم يتغيّر الموقف المغربي من الصحراء. ما تغيّر هو أن المغرب يتقدّم، فيما خصومه يتراجعون. هذا كلّ ما في الأمر. استطاع محمّد السادس بناء قاعدة أفريقية للمغرب. حصل ذلك استنادا إلى ذهنية مختلفة بعيدا عن استغلال أموال النفط والغاز من أجل لعب دور استعماري من نوع جديد.

تقدّم المغرب على كلّ الصعد من دون نفط أو غاز. كان الإنسان ثروة المغرب في كلّ وقت. تراجع أولئك الذين ناصبوا العداء للمغرب، من دون سبب، متكلين على النفط والغاز وليس على الإنسان. استطاع المغرب تجاوز “الربيع العربي” بسلام وأمان. كان “الربيع العربي” فرصة للخروج بدستور جديد وخوض تجربتين انتخابيتين في ظلّ هذا الدستور. صحيح أن تشكيل الحكومة المغربية الجديدة تأخّر، لكن الصحيح أيضا أن هذا التأخير سيدفع إلى المزيد من الإصلاحات في حال كانت الحياة السياسية والحزبية تتطلّب ذلك.

يبقى أن أهمّ ما في العودة المغربية إلى الاتحاد الأفريقي، وهي عودة يكرسها وجود الملك محمّد السادس في قمّة أديس أبابا، تلك العقلية الجديدة التي بدأت تسود في أفريقيا. تقوم هذه العقلية على الابتعاد عن الشعارات الفارغة والتركيز على كلّ ما من شأنه خدمة المجتمعات الأفريقية. أخيرا تصالحت أفريقيا مع نفسها. بقيت الشعارات شعارات. لم تطعم هذه الشعارات الشعوب الجائعة ولم توفّر لها مدارس ولا مستشفيات. من لا يزال يؤمن بأن هناك مكانا لأشياء مثل “الجمهورية الصحراوية” إنّما يعيش في الماضي لا أكثر ولا أقلّ. المستقبل في مكان آخر. على كلّ من يريد التأكّد من ذلك زيارة المغرب…

المصدر : صحيفة العرب

 

GMT 00:38 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

خرائط ترامب و«ورشة» صهره!!

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

GMT 11:02 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

لماذا نتبادل الحب مع السوريين؟

GMT 05:55 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

اللهم إنى قد بلغت!

GMT 08:47 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شمال وجنوب المتوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفريقيا والعودة المغربية أفريقيا والعودة المغربية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon