توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غطاء روسي وأميركي للمشروع الإيراني

  مصر اليوم -

غطاء روسي وأميركي للمشروع الإيراني

بقلم خيرالله خيرالله

أصداء الزلزال العراقي مازالت تتردد. المشروع التوسعي الإيراني يتابع اندفاعه. المدن العربية كلها هدف لهذا المشروع الذي يحظى بغطاء جوي روسي وأميركي وتنسيق أميركي – روسي - إسرائيلي.

هناك مشاركة أميركية فعلية، عبر قوات على الأرض وسلاح الجوّ في معركة إخراج “داعش” من الموصل. وهناك مشاركة روسية، عبر القصف الجوي في عملية تهجير سكان حلب من مدينتهم. هناك في الحالين وجود إيراني كثيف إن في محيط حلب وإن في محيط الموصل. هذا هو الواقع على الأرض في ما يخص المدينتين المطلوب تهجير سكانهما. تهجير أهل الموصل بحجة “داعش” وتهجير أهل حلب بحجة “النصرة”.

ما يجمع بين معركة الموصل وما تتعرّض له حلب وجود سياق معيّن مرتبط أوّلا وأخيرا بالمشروع التوسّعي الإيراني الذي لم يكن بعيدا لا عن خلق “داعش” ولا عن إطالة الحرب الدائرة في سوريا كي تصبح التنظيمات السنّية المتطرّفة في الواجهة، وتشويه صورة الثورة التي قام بها الشعب السوري ابتداء من آذار ـ مارس 2011.

لن يمضي وقت طويل قبل أن نشهد تحرير الموصل من إرهاب “داعش”. ما هو ملفت أن “داعش” بدأ يختفي منكفئا في اتجاه الأراضي السورية. ينكفئ فجأة، تماما كما ظهر فجأة واستطاع السيطرة على هذه المدينة العراقية المهمّة بما لا يزيد على ثلاثة آلاف مقاتل!


كيف استطاع ذلك، أو على الأصحّ، لماذا لم تستطع القـوات العـراقية التي كـانت تدافع عن المدينة بالآلاف من الرجال والتي كانت تمتلك عتادا عسكريا متطورا الصمود في وجه هذا التنظيم الإرهابي؟ ذلك هو سرّ الأسرار الـذي لا يعرفه سـوى قليلين في العراق من بينهم رئيس الـوزراء السابق نوري المالكي الذي سقطت الموصل في يد “داعش” في أيّامه. لم تجر أيّ محاسبة للمالكي الذي عاد قبل أيّام نائبا لرئيس الجمهورية بعد عزله عن هذا المنصب في إطار المنافسة بينه وبين رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.

لا يمكن عزل ما يشهده العراق وسوريا عن الزلزال العراقي المستمرّ الذي بدأ في العام 2003. لا تزال لهذا الزلزال تردداته، ولا تزال له أهدافه المتمثّلة في القضاء على المدن المهمّة في المنطقة وتحويلها إما إلى مدن طاردة لأهلها، وإما إلى مدن تحت السيطرة الإيرانية كما حال دمشق وبغداد والبصرة حاليا.

ليس ظهور “داعش” ثم انكفاء هذا التنظيم سوى تتمة طبيعية للزلزال العراقي الذي في أساسه حرب أميركية من أجل التخلّص من نظام صدّام حسين. كانت إيران شريكة في تلك الحرب. خرجت منها منتصرة. حققت انتقاما تاريخيا على نظام، كان يجب أن يرحل، ولكن ليس من أجل أن يصبح العراق مجرّد مستعمرة إيرانية.

ماذا بعد معركة الموصل عندما ستتضح الأهداف الحقيقية لتسهيل سيطرة “داعش” على هذه المدينة قبل نحو عامين؟ الخوف كلّ الخوف من أن يسيطر “الحشد الشعبي”، وهو مجموعة ميليشيات مذهبية عراقية تأخذ أوامرها من طهران مباشرة، على الموصل. سيعني ذلك تهجير ما يزيد على مليون شخص منها بحجة “الانتقام من أحفاد يزيد” على حد تعبير قائد إحدى الميليشيات المذهبية العراقية.

يُخشى تهجير هذا العدد الكبير من سكان المدينة بعد معركة تتوزع فيها الأدوار بين حكومة حيدر العبادي وأميركا وإيران التي يقود عسكريوها التابعون لـ”الحرس الثوري” العمليات على الأرض. هؤلاء يسميهم رئيس الوزراء العراقي “خبراء” و”مستشارين”. يحصل ذلك في الوقت الذي تحصل فيه عملية تهجير منظّمة لأهل حلب، ولكن بتنسيق بين إيران الموجودة على الأرض مع شبيحة النظام السوري… وسلاح الجو الروسي!

جاء دور الموصل وحلب بعد بغداد والبصرة وحمص وحماة ودمشق ومدن وبلدات عراقية وسورية أخرى تعرّضت لعمليات تطهير ذات طابع مذهبي. من يزور البصرة هذه الأيّام، يقول إنّها صارت مدينة إيرانية. من يزور بغداد يؤكّد أن الطبيعة الديموغرافية لعاصمة الرشيد تغيّرت جذريا. كانت بغداد مدينة تمتاز بتنوّعها وبالتوازنات القائمة داخلها بين الشيعة والسنّة، بين العرب والأكراد والتركمان. كان هناك دائما مكان لأقلّيات فاعلة من مسيحيين عراقيين وآخرين من الأرمن.

أمّا الموصل، التي خرج منها عدد كبير من رجال العراق المستنيرين من ذوي الكفاءات، فهي في انتظار مصيرها المحتوم، تماما مثل حلب. الفارق بين الموصل وحلب هو سلاح الجو الذي يلعب دوره في تدمير ما بقي من المدينتين وتهجير أهلهما.

سلاح الجو الذي يضرب في حلب روسي، وسلاح الجو الذي يوفّر الغطاء للعمليات العسكرية على الأرض في الموصل أميركي. في الحالين، هناك من يعمل لمصلحة إيران. الأميركيون يعملون لمصلحة إيران في العراق، والروس يعملون لمصلحتها في سوريا. الأخطر من ذلك كلّه، أن تركيا المعنية بالموصل وحلب، صارت في موقع المتفرّج بعد التلويح لها بالورقة الكردية!

هل يستطيع الأكراد الذين يشاركون في معركة الموصل إيجاد فارق على الأرض يؤدي إلى منع عملية التهجير الكبيرة التي تستهدف سكان المدينة الذين عانوا الكثير منذ العام 2014؟

يصعب التكهن بما إذا كانت “البيشمركة” ستتمكن من لعب دور إيجابي، خصوصا أنّ “الحشد الشعبي” يمتلك مخططا خاصا به يصبّ في الانتقام من كلّ مدينة ذات طابع سنّي في العراق وحتّى من مدينة فيها وجود سنّي مثل البصرة.

إنّه انتقام من فكرة المدينة قبل أيّ شيء آخر. هذا ما نشهده منذ حصول الزلزال العراقي في 2003، أي منذ ما يزيد على ثلاثة عشر عاما دمُّرت خلالها أو خرّبت… أو توقف الإعمار في كلّ المدن الممتدة بين بغداد وبيروت. بعد بغداد، جاء دور الموصل الآن. بعد حمص وحماة، جاء دور حلب. أما دمشق، فصارت مطوقة من كلّ الجهات في ظلّ محاولات تستهدف تغيير طبيعة المدينة بشكل جذري.

لا داعي للحديث عن بيروت التي تتعرّض منذ سنوات عدة، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحديدا، لمحاولات تصبّ في ترييفها، وصولا إلى منعها من أن تكون محطة للعرب والأجانب ومدينة مرحّبة بهم.

تتعرّض بيروت منذ 2005 لحملة مدروسة جعلت من إقامة رصيف فيها أو تحرير أحد أرصفتها من العوائق التي يضعها أصحاب المحلات، إنجازا بحدّ ذاته. الهدف واضح كلّ الوضوح ويتمثل في جعل العاصمة اللبنانية تفقد مقومّات المدينة المزدهرة.

كلّ ما في الأمر أن أصداء الزلزال العراقي ما زالت تتردّد. المشروع التوسّعي الإيراني يتابع اندفاعه. المدن العربية كلّها هدف لهذا المشروع الذي يحظى بغطاء جوّي روسي وأميركي وتنسيق أميركي – روسي – إسرائيلي، فيما تركيا محيّدة.

أمّا مصر، التي كان يمكن أن تلعب دورا ما على صعيد إقامة التوازن الإقليمي المفقود منذ 2003، فهي في وضع لا تحسد عليه. هذا أقلّ ما يمكن قوله عن مصر التي ستبقى أسيرة مشاكلها الداخلية لفترة طويلة. ستبقى مصر بين المتفرّجين على تقدّم المشروع الانهيار وعلى انهيار المدن في المشرق العربي… لا حول لها ولا قوّة.

 

GMT 07:32 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

السودان والرهان العربي

GMT 07:45 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

علي عبدالله صالح صنع الحوثيين فقتلوه

GMT 07:41 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

GMT 07:25 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

معركة بين ثقافتي الحياة والموت في تونس

GMT 02:10 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الاستقلال… فرصة ضائعة في الجنوب اليمني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غطاء روسي وأميركي للمشروع الإيراني غطاء روسي وأميركي للمشروع الإيراني



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon