توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران 2016.. سوريا 2010

  مصر اليوم -

إيران 2016 سوريا 2010

بقلم خيرالله خيرالله

لا تشبه إيران في هذه الأيّام سوى سوريا في العام 2010، أي قبل سنة من اندلاع الثورة فيها. هناك نظام دكتاتوري مخابراتي بامتياز يسيطر على كلّ مرافق الحياة في البلد وهو نظام مكروه من الشعب الإيراني.

كلّ شيء يتغيّر في الشرق الأوسط وفي إطار أوسع منه. لذلك لا يمكن لإيران سوى أن تتغيّر، لا لشيء سوى لأنّها بدأت تشعر بالحاجة إلى إعادة تموضع في ضوء المستجدات التي تشهدها المنطقة والعالم. من بين هذه المستجدات اكتشاف القيادة في إيران للنظام الدولي الذي اعتقدت أنّ في استطاعتها ابتزازه إلى ما لا نهاية. العالم في نهاية المطاف، ليس الاتفاق في شأن ملفّها النووي. العالم، بما في ذلك النظام المصرفي الدولي الذي شاءت طهران إخضاعه لمشيئتها أو تجاوزه، شيء آخر.

إنّها لا تدرك حتّى كيف يعمل هذا النظام ومن يتحكّم به. لا تدرك أن هبوط أسعار النفط بشكل تدريجي منذ خريف العام 2014، أهمّ بكثير من الاتفاق في شأن الملفّ النووي… وأنّ عليها التكيّف مع هذا الواقع الجديد ومع أنّ الاتفاق في شأن الملفّ النووي لن يحلّ لها أيّا من مشاكلها. أكثر من ذلك، لم تفهم إيران أن العالم ليس إدارة باراك أوباما التي تختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط بالملفّ النووي الإيراني وتعتبر أنّ التطبيع بين واشنطن وطهران هدف بحدّ ذاته.

حسنا، حصل اتفاق في شأن الملف النووي الإيراني وأعلنت إيران انتصارها على “الشيطان الأكبر”. انضمّ إليها “حزب الله” في رفع شارة النصر. ماذا كانت النتيجة؟ ما الذي تغيّر على الأرض؟

بعد أيام قليلة تمرّ سنة كاملة على توقيع الاتفاق في شأن الملف النووي بين إيران ومجموعة البلدان خمسة زائد واحدا. لم يطرأ أي تحسّن على الوضع الاقتصادي الإيراني على الرغم من كلّ المحاولات التي بذلتها إدارة أوباما لمساعدة طهران. كان الملفّ النووي الإيراني نكتة أكثر من أيّ شيء آخر. استغلته إسرائيل للحصول على مكاسب من الولايات المتحدة. حصلت بالفعل على هذه المكاسب، بل حصلت على أكثر مما طلبته من إدارة أوباما.

في ذكرى مرور سنة على توقيع الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني، ثمّة أمور لافتة. من بين هذه الأمور أن الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها إيران زادت حدّة. توافق ذلك مع فشل إيراني في كلّ بلد استهدفه المشروع التوسّعي لـ”الجمهورية الإسلامية”.

إذا كانت السيطرة على العراق إنجازا، فنعم الإنجاز. هناك ميليشيات لأحزاب مذهبية عراقية تابعة لإيران تتحكّم بالعراق تحت تسمية “الحشد الشعبي”.
كلّ ما تستطيع هذه الأحزاب عمله هو قتل السنّة وتهجيرهم من بيوتهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم وزيادة الشرخ المذهبي عمقا في البلد وتوفير حاضنة لـ”داعش” والتنظيمات الإرهابية التي على شكل “داعش”. ما مستقبل العراق في ضوء هذه المعطيات وفي ضوء ما شهدته الفلوجة أخيرا، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر؟
ما كشفه العراق أن في استطاعة إيران أن تهدم وليس أن تبني بغطاء من إدارة أوباما. ما نتيجة الهدم وكيف سترتد هذه السياسة على إيران نفسها؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه في ظل التطورات التي يشهدها العراق الذي لم يعد من أمل في إعادته دولة طبيعية تكون نموذجا لما يفترض أن تكون عليه دول المنطقة، كما كان يتصوّر “المحافظون الجدد” في إدارة جورج بوش الابن الذين خططوا لاجتياح العراق قبل الانتهاء من معضلة أفغانستان.

نرى الولايات المتحدة حاليا تواجه كارثة في العراق وأفغانستان في الوقت ذاته. هناك بلدان لا مستقبل لهما في أيّ شكل، خصوصا أن الخيار الوحيد في أفغانستان هو الاستسلام لـ”طالبان”، فيما الخيار الوحيد في العراق هو الاستسلام لمزيد من التشرذم الذي يبدو أن إيران تسعى إليه.

تتدخّل إيران في سوريا. أدّى تدخّلها إلى بقاء بشّار الأسد في دمشق. في كلّ يوم يبقى فيه بشّار في سوريا، يقترب البلد من الانهيار الكامل ويتضاءل أيّ أمل في التوصّل إلى حلّ سياسي يحافظ على وحدة سوريا. ليس معروفا تماما لماذا إيران مصرّة على التدخل في سوريا وتوريط ميليشيا “حزب الله” اللبنانية في حرب على الشعب السوري.ليس هناك من هو قادر على الإجابة عن سؤال في غاية البساطة من نوع: ما الفائدة من بقاء بشّار الأسد في دمشق بالنسبة إلى إيران؟ هل بقاء بشّار الأسد سينقذ الاقتصاد الإيراني؟ هل سينقص عدد من هم تحت خط الفقر في إيران، علما أن عدد هؤلاء يتجاوز نصف عدد الشعب الإيراني؟

ثمة من يقول إنّ إيران في حاجة إلى السيطرة على سوريا من أجل “حزب الله” في لبنان. ما هذا الإنجاز الذي اسمه “حزب الله” الذي لم يعمل سوى على إفقار اللبنانيين وتدمير مؤسسات الدولة اللبنانية وتعميق الشرخ المذهبي في البلد وإثارة قسم من المسيحيين على أهل السنّة. كيف يمكن لإيران الاستفادة من منع “حزب الله” انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية؟

الواضح، أقلّه إلى الآن، أن رئاسة الجمهورية اللبنانية ليست ورقة إيرانية. انتخاب رئيس للجمهورية همّ لبناني وليس همّا أميركيا. وهذا ما لم تستطع إيران استيعابه. لكنّ ذلك لم يمنعها من متابعة حربها على لبنان واللبنانيين والعمل على إثارة الغرائز المذهبية في بلد كان يمكن أن يكون نموذجا للعيش المشترك في المنطقة.

باستثناء خدمة “داعش” في العراق وسوريا ولبنان، لم تفعل إيران شيئا. بل ربّما فعلت شيئا. فيوم الجمعة الماضي أحيت إيران ما تسمّيه “يوم القدس″ وذلك في سياق المزايدة التي تمارسها على العرب. مختصر اللعبة أنّها خطفت فلسطين والفلسطينيين من أجل الاتّجار بهم. كانت النتيجة أن إسرائيل تقضم يوميا جزءا من القدس. هذا يحدث منذ اليوم الأوّل الذي أعلنت فيه إيران عن إحياء “يوم القدس″ في العام 1979.

لا تشبه إيران في هذه الأيّام سوى سوريا في العام 2010، أي قبل سنة من اندلاع الثورة فيها. هناك نظام دكتاتوري مخابراتي بامتياز يسيطر على كلّ مرافق الحياة في البلد وهو نظام مكروه من الشعب الإيراني. وهناك تحديات إثنية وعرقية فرضت قبل أيام تغيير رئيس الأركان بشخص ضابط مختص بالحرب على الأكراد هو محمّد حسين باقري. تنبّهت إيران أخيرا إلى أن الورقة الكردية لا تخدمها، ووجدت نفسها في مركب واحد مع تركيا الساعية إلى إعادة تموضعها إقليميا ودوليا!

لم يعد سرّا أنّ أموال الشعب الإيراني تصرف على تنظيمات لا علاقة لها سوى بتخريب دول المنطقة أكان ذلك في العراق أو سوريا أو لبنان أو البحرين أو اليمن. ما الفائدة من صرف أموال على “حماس″ في فلسطين غير خدمة المشروع الاستعماري الإسرائيلي القائم على استمرار الاحتلال؟

الفارق الوحيد مع سوريا أن إيران بدأت تتنبّه إلى أن كلّ المناورات التي مارستها، بما في ذلك تلك المرتبطة بملفّها النووي لم تؤد الغرض المطلوب. في النهاية لا يمكن بناء دولة قويّة ذات دور إقليمي على اقتصاد هشّ، بل هشّ جدا، مرتبط بمشيئة أميركا وأسعار النفط والغاز.

قبل إيران، حاول الاتحاد السوفياتي، الذي امتلك الصواريخ العابرة للقارات والقنابل النووية، لعب هذا الدور. ماذا كانت النتيجة؟ أين الاتحاد السوفياتي بعظمته وجبروته وأيديولوجياته الساذجة؟

لا يوجد سبب يدفع إلى الاعتقاد أن مصير النظام في إيران سيكون أفضل من نصيب النظام السوفياتي. السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه في المناسبة إلى أيّ حد سيتمكن النظام الإيراني من إلحاق خراب بدول المنطقة قبل أن يبلغ مصيره المحتوم؟

GMT 07:32 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

السودان والرهان العربي

GMT 07:45 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

علي عبدالله صالح صنع الحوثيين فقتلوه

GMT 07:41 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

GMT 07:25 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

معركة بين ثقافتي الحياة والموت في تونس

GMT 02:10 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الاستقلال… فرصة ضائعة في الجنوب اليمني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران 2016 سوريا 2010 إيران 2016 سوريا 2010



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon