توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة في لبنان يجب أن تتوقّف…

  مصر اليوم -

الحياة في لبنان يجب أن تتوقّف…

خيرالله خيرالله

عندما تغرق بيروت في النفايات، أو الزبالة كما يسمّيها اللبنانيون، يكتشف المرء، للأسف الشديد، وجود رغبة في جعل الأرض اللبنانية طاردة لأهلها. هناك، بكل بساطة، من يسعى إلى تدمير المؤسسات اللبنانية الواحدة تلو الأخرى وجعل اللبناني يترك بلده. مطلوب أن يفقد اللبناني كلّ أمل في أن مستقبل أولاده يمكن أن يكون في الوطن الذي ينتمون إليه وتربّوا فيه.
تكفي كمّية النفايات التي غرقت تحتها بيروت للتأكد من وجود من يريد التخلص من لبنان عن طريق نشر البؤس فيه، وجعل اليأس ينتصر على ثقافة الحياة التي مكّنت الوطن الصغير من تجاوز كلّ الأزمات التي مرّ بها منذ العام 1969 من القرن الماضي، تاريخ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم.

أسّس ذلك الاتفاق لانتشار السلاح غير الشرعي في البلد. كان هذا السلاح فلسطينيا حتّى العام 1982، وصار بعد ذلك، وإن بشكل تدريجي، إيرانيا تمتلكه ميليشيا مذهبية هدفها الأوّل والأخير تغيير طبيعة لبنان كمجتمع منفتح، وصولا إلى تغيير طبيعة النظام في البلد. المطلوب عمليا الانتقال من المناصفة التي أقرّها اتفاق الطائف، إلى المثالثة التي ينادي بها “حزب الله” ومن خلفه إيران بغية تكريس ما يسمّى بـ”الثلث المعطّل”.


في عشر سنوات، لم يتوقّف التدهور في لبنان. النفايات في بيروت رمز لتلك الرغبة في الانتقام من المدينة التي أعاد الحياة إليها رفيق الحريري. في كلّ يوم يمرّ تتوضّح الصورة أكثر فأكثر. في كلّ يوم يمرّ، تتبين الأسباب الحقيقية وراء اغتيال رفيق الحريري الذي لازم اسمه عودة لبنان إلى خريطة المنطقة، وعودة بيروت مدينة استثنائية على شاطئ المتوسط. لذلك، مطلوب تدمير بيروت لأنّها ترمز إلى ما يمكن أن يكون عليه لبنان والمنطقة.

معروف من اغتال رفيق الحريري. معروف من نفّذ. بات معروفا لماذا كانت تلك الجريمة. مطلوب أن يهاجر اللبنانيون من أرضهم. مطلوب أن تكون بيروت مزبلة كبيرة، على غرار ما كانت عليه في مرحلة ما قبل المباشرة بإعادة بناء وسطها بصفة كونه المكان الذي يجتمع فيه اللبنانيون من كل الفئات والطبقات والطوائف والمذاهب والمناطق. أكثر من ذلك، بصفة كونه المكان الذي يقصده العرب والأجانب الذين يعتبرون لبنان متنفسا ومكانا يمكن العيش والاستثمار فيه.

ليس صدفة أن تكون الحكومة عاجزة عن الإقدام على أيّ خطوة في أيّ اتجاه كان. لبنان بلا رئيس للجمهورية منذ ما يزيد على أربعة عشر شهرا. ممنوع انتخاب رئيس للجمهورية. يرفض نواب، معروفون أنّهم بإمرة طهران، النزول إلى مجلس النوّاب وتأدية واجبهم الدستوري الذي يفرض عليهم انتخاب رئيس للجمهورية.

مجدّدا، لا شيء يحدث بالصدفة في لبنان. هناك وحش بشري أصرّ على قتل المواطن جورج الريف لتأكيد أن لا وجود لدولة لبنانية في لبنان. هناك وحشان آخران قتلا ضابطا في الجيش لأنّه لم يعجبهما وقوفه في مكان قريب من بلدتهم!

باتت الدولة اللبنانية دولة السلاح غير الشرعي. الدويلة اللبنانية، حيث شريعة الغاب، هي ما بقي من الدولة التي عرفناها.

من يتابع ما يجري في لبنان، يكتشف أن الهدف إخضاع البلد وجعله أسير ثقافة الموت التي ينادي بها “حزب الله” مستعينا بأدواته المسيحية وغير المسيحية. هذا كلّ ما في الأمر. هناك مرحلة جديدة دخلها لبنان. إنّها مرحلة جعل الأرض اللبنانية طاردة لأهلها. لا يشبه ذلك سوى ما تفعله إسرائيل في الضفّة الغربية المحتلة. تعمل إسرائيل عن طريق الاستيطان والاحتلال إلى جعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها… تريد منهم ترك أرض فلسطين.

هذا ما يفترض أن يتنبّه إليه اللبنانيون. هناك ما هو أبعد من أزمة النفايات. هناك من منع، ومن لا يزال يمنع، الإقدام على أي خطوة تصبّ في خدمة لبنان واللبنانيين. كلّ ما هو مطلوب زرع اليأس في قلب المواطن ومنعه من التمسّك بالبقاء في لبنان أو الاستثمار فيه…أو جعل العرب يستثمرون في هذا البلد. هناك مشاريع عدة لمعالجة النفايات. لكنّ هذه المشاريع بقيت في الأدراج لأسباب لم تعد تخفى على أحد. فحوى هذه الأسباب تعطيل كلّ ما يمكن أن يؤدي إلى تقدّم البلد. الحياة في لبنان يجب أن تتوقف لا أكثر ولا أقل. على اللبنانيين التفكير في العيش في بلد آخر غير لبنان.

كلّ ما تعرّض له لبنان، بدءا باغتيال رفيق الحريري، كان مدروسا بدقّة متناهية. كان اغتيال اللبنانيين الشرفاء مدروسا. من سمير قصير، إلى محمّد شطح. كان الاعتصام في وسط بيروت لإغلاق الوسط التجاري للعاصمة مدروسا، كذلك غزوة بيروت والجبل في مايو من العام 2008. كان الإتيان بحكومة “حزب الله” برئاسة نجيب ميقاتي مدروسا.

كلّ شيء مدروس، بما في ذلك حرب صيف 2006، التي افتعلها “حزب الله” ومن يسيّره، من أجل تدمير قسم من البنية التحتية للبلد بواسطة إسرائيل.

من يعمل على تعطيل العمل الحكومي في الوقت الراهن مستخدما بعض الأدوات المعروفة، وهي معروفة أكثر من اللزوم، إنّما يعمل على تعطيل لبنان. هل جاء وقت اتخاذ القرارات الكبيرة في شأن مستقبل لبنان بعد توصل إيران إلى اتفاق في شأن ملفّها النووي؟ لا جواب عن مثل هذا النوع من الأسئلة. كلّ ما هو أكيد أن الهجمة مستمرّة على لبنان وعلى الحكومة، التي تمثّل ما بقي من مؤسسات شرعية، كي يكون أرضا طاردة لأهله. من يبحث عن دليل على ذلك، يستطيع قراءة ما ورد في الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” الذي يريد، بكل بساطة، القول أن إيران صارت صاحبة اليد الطولى في لبنان وسوريا، وأنّ على اللبنانيين القبول بذلك. عليهم القبول بأنّهم تحت الوصاية الإيرانية وأن يرضخوا، مسيحيين ومسلمين، لما يمليه عليهم “حزب الله” معتمدا على سلاحه المذهبي الموجّه إلى صدورهم العارية…مثلما هو موجّه إلى صدور الشعب السوري الثائر!

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة في لبنان يجب أن تتوقّف… الحياة في لبنان يجب أن تتوقّف…



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon