توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوميات ريو دي جانيرو "يوم في السماء الأخيرة"

  مصر اليوم -

يوميات ريو دي جانيرو  يوم في السماء الأخيرة

يونس الخراشي

ما إن علمنا، ونحن في الطائرة، الموجودة على أرض المطار الشاسع لمدينة ريو، أن الرحلة ستتوقف في مدينة ساو باولو، جنوبًا، قبل أن تنطلق شمالاً نحو الدار البيضاء، عبر بحر الظلمات، حتى أصبنا بخيبة صغيرة، إذ أن شوقنا إلى العودة، ومعانقة الأهل والوطن، كان قد بلغ مداه، ولم يعد لدينا من احتمال لمزيد من الصبر. وكان معنا في الرحلة رياضيون كثيرون، ممن مثلوا البعثة المغربية في دورة الألعاب الأولمبية، ورياضيون من دول أوروبية وأفريقية، فضلا عن مسؤولين مغاربة، وإعلاميين من دول عربية، كلهم ينتظرون إقلاع الطائرة، وقد بدأ الظلام يغشى ريو، وهي تواجهه بضوئها الكثيف المنبعث من كل مكان.

للحظتي الإقلاع والهبوط، بالتحديد، رهبة في النفوس عجيبة، حتى وإن حاول البعض أن يبدي غير ذلك، إما بافتعال حديث جانبي، أو ارتجال مزحة، أو البحث عن شيء ما، أو حتى الهروب نحو نوم يصعب تصديقه في تلك اللحظات بالذات، أو إعطاء الآخرين انطباعًا خاطئًا بأنه لا يهتم. وهكذا، فقد شعرت بخوف غريزي يسري في عروقي، وطائرتنا تستعد للإقلاع من ريو، ثم وهي تمضي نحو الهبوط في ساو باولو، ثم وهي تعود للإقلاع نحو الدار البيضاء، ما "طيّر النوم" من عيني، على حد تعبير عادل إمام في مسرحيته الشهيرة "شاهد ما شفشي حاجة"، رغم أنني كنت أعاني إرهاقًا كبيرًا جدًا.

أما وقد صرنا على بعد أميال في السماء، وفوق السحاب بالتحديد، من حيث لم يكن ممكنًا رؤية أي شيء، باستثناء الظلام، وبعض الغمزات التي تصدر من أضواء في الجناح الأيمن للطائرة، فقد بدأ الأغلبية في الاستسلام للنوم، فيما لجأ آخرون إلى القنوات الموضوعة رهن الإشارة على ظهر الكراسي، للتسلية، وظل غيرهم منشغلين بهواتفهم المحمولة، وفتح البعض كتابه ليواصل القراءة.

كان مفترضًا أن نقضي أكثر من 12 ساعة في السماء؛ أي نصف يوم بالتمام والكمال، حتى نصل إلى الدار البيضاء. ولست أدري أمن سوء حظي أم من حسنه أنني نادرًا جدًا ما أنام عندما أكون على سفر، مما منحني، ووجهي قريب من نافذة الكرسي 18D، فرصة، ونحن في ذلك المكان من العالم، كي أشاهد دورة اليوم كله، من زاوية مثيرة للدهشة، تختلف تمامًا عما اعتدت عليه طيلة حياتي.

ولا أخفيكم أن اللحظة الأروع على الإطلاق، ويا للعجب، هي تلك التي اشتد فيها سواد ظلام الليل، بما جعل النجوم تبدو، وهي تنتثر في السماء، أشبه بخيمة من ضوء رائع، آنست وحدتي، وهدأت روعتي، لا سيما وزميلي عبد الرحمن إيشي، من يومية "لوماتان"، كان غارقًا في نوم عميق، ولم أجد متعة في أي من تلك الأفلام والوثائقيات التي كانت رهن الإشارة، خاصة إنها هي نفسها التي اقترحت علينا في رحلة الذهاب، من الدار البيضاء، نحو ريو. "سبحان الله، التكرار ديال قنوات القطب العمومي تا فالطيارة". أما الكتب التي كانت على "الأيباد"، فقرأت منها ما تيسر، وبدون متعة كبيرة.

كانت الرحلة، بطبيعة الحال، فرصة مواتية لاستيضاح أشياء كثيرة من الرياضيين المغاربة، ظلت دون تفسير، وإن بدت تفسيرات بعضهم، وهم يجالسوننا، أو يعبرون بجانبنا، أو يجالسون غيرنا، أنا وزميلي "إيشي"، مقنعة نسبيًا، لأنها وجهة نظر الأشخاص الموكول إليهم التنافس للفوز بالميداليات، فإنها بقيت مثل صدر بيت، أو عجزه، بحاجة إلى الجزء الآخر من البيت، بل إلى القصيدة ككل، ليبرز المعنى كاملاً.

عندما كانت الآشعة الأولى للشمس تبزغ من جهة ما من السماء، حمراء وسط غبش الليل، معلنة بدايات الصباح، وبالتالي اقترابنا من مدينتنا، بدت المسافة المتبقية أطول، بفعل اشتداد الشوق إلى الوصول، ولم يعد من شيء يمكنه أن يسلينا، إذ جربنا كل الأشياء في ما سبق، حتى بعض الغفوات التي كانت تهون عناء السفر.

قلت في نفسي، وحسرة مثل وخز "مخيط" تؤلمني في جهة ما من قلبي، إزاء النتائج التي آلت إليها مشاركة المغرب في الألعاب الأولمبية لريو دي جانيرو، ألم تر كيف أن الإقلاع يحتاج إلى آلة جيدة، وقوة رهيبة دافعة للطائرة، وإلى ربان ذكي، وأن الصعود ليس سهلاً، بل يحتاج إلى وقت وصبر، حتى تصل المركبة إلى مكان محدد تستقر فيه، فيما الهبوط أكثر سهولة، ودائمًا يثير لدى الجميع مغصًا في المعدة، والأمعاء، وأن الوجهة والطريق إليها ينبغي أن يكونا محددين معًا من البداية، وإلا فإنه التيه المطلق.

حين وصلنا، بسلام، آمنين، إلى مطار محمد الخامس، في الدار البيضاء، وجدناه شبه فارغ من الطائرات، بعكس مطار ريو، الذي كان أشبه بميدان للعب بالمركبات، ومع ذلك، فقد انتظرنا في صف طويل، كي تنتهي الإجراءات الأمنية، بفعل وجود رجلي أمن فقط عند مدخلنا الأول، قبل انطلاقنا بسرعة إلى المدخل الثاني، حيث مرت الإجراءات بطريقة أسرع.

أما ونحن ننتظر حقائبنا، عند الحزام الحامل للأمتعة، فقد كانت الرغبة في الخروج سيدة الموقف، وقال لي زميل إن مسؤولاً في جامعة رياضية "أمر" الرياضيين المنتمين إليها بضرورة أن يرتدوا أقمصتهم الوطنية، وأن يستعدوا للانتقال رأسًا إلى المقر الرئيسي للجامعة، حيث يتعين عليهم أن يقابلوا السيد الرئيس. تبادلنا ضحكة صغيرة، فيها ألم كبير على رياضاتنا التي تغرق في البيروقراطية، ورحت أبحث عن زوجتي، وابني وابنتي، وقد أعياهما الانتظار، لأسعد بلقاء حار.

إلى اللقاء.

GMT 04:24 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 16:13 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا 23

GMT 13:53 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

"الحبة والبارود"..

GMT 14:47 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

ثمانون مليارا لموسم واحد..

GMT 13:04 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا13

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوميات ريو دي جانيرو  يوم في السماء الأخيرة يوميات ريو دي جانيرو  يوم في السماء الأخيرة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon