توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرئيس مرسي و "حسبة مانجو"

  مصر اليوم -

الرئيس مرسي و حسبة مانجو

محمد سامي البوهي

لم تقم الثورة كي نعود من جديد إلى "حسبة برما" التي تدخلنا في "حيص بيص"، ونرى تلك السيدة التي تحمل أنبوب الغاز على رأسها و تقف في طابور طويل عريض، و نرى هذا المنظر الكئيب أمام محطات البنزين في جميع أنحاء مصر، وبعد اقتراب نفاذ المائة يوم الإخوانية التي طالما انتظرنا خلالها أن نشعر بشيء ما يعطينا أمارة بأن ثورة قد قامت في مصر و أن رياح التغيير قد هبت من جديد، لكن الرئيس كلما تحدث في خطاب أو في حوار أخذنا إلى كلام مرسل لا يغني و لا يسمن من جوع، فنسمع أرقام واهية عن الموازنة و المصروفات و التكاليف و غيره و غيره و غيره، و هو لا يعلم أن المواطن البسيط الذي يجلس لسماعه يريد زبد الحديث، يريد أن يسمع من "ريس الثورة" (كما يزعم أنصاره) أن يصرح بمنحة أو نفحة أو بشرى تزف إليه يجدها تلمع في طبق طعامه، لقد استغربت جدًا عندما سمعت الرئيس مرسي في حديثه الأخير على التلفزيون المصري مع محاور غير محترف يتحدث عن زيادة سعر طن الأرز ليرفع من حال الفلاح متناسيًا قطاع كبير من الشعب المستهلك للأرز بصفة يومية وكيف أنه من الممكن أن يصل كيلو الأرز إلى ما يفوق إمكاناته، فيصبح محصورًا بين رغيف خبز ضائع و حبة أرز تحولت إلى قطعة الماس بلجيكية فاخرة، كيف يرقع الثوب من جلد الشعب المتهالك المهري المسلوق و المقلي و المتقيح بفعل كل ما مر به من مآسي و هموم و أزمات؟ لقد شعر الشعب كله بلا استثناء بثورة يوليو رغم ما يقال عنها الآن وتحويلها من رمز وطني مقدس إلى صنم يجب رجمه لأنه ارتكب فاحشة مبينة، تلك الفاحشة المبينة التي أصدرها الرئيس جمال عبد الناصر بعد 47 يوم فقط من حكمه عندما سن قانون الإصلاح الزراعي عام 1954 و كذلك مجانية التعليم، ولست هنا في صدد مقارنة و لكني أوضح بأن الشعب شعر بالفعل بأن التعليم يدخل بيته كالماء و الهواء، و تغير حال الفلاح من مستأجر إلى مالك، وشهدت البلاد طفرة حقيقية في الصناعة التي قامت على الزراعة و التعدين  و ما علينا مما حدث بعد ذلك من تبديد الفلاح لتلك الأرض و ضياع وحدة القوة المحصولية و اندثار زراعة إستراتيجية كزراعة القطن و في ذلك أسباب كثيرة نعرفها جميعًا ولسنا بصدد الحديث عنها الآن. لكن أن يأتي رئيس جمهورية منتخب لدولة مصر و ينزل بمستوى الحديث إلى حد الاستهانة بعقل شعبه سواء بقصد أم بغير قصد فهو في الحالتين لا عذر له  و يمن على شعبه بالحديث عن رخص أسعار "فاكهة المانجو"؟ هل هذا معقول؟  و كيلو الطماطم التي تعتبر من السلع الأساسية يصل إلى 8 جنيهات، تزامنًا مع تصريحات بزيادة تعريفة استهلاك المياه و الكهرباء و فرض ضرائب على المكالمات التليفونية و الطامة الكبرى ارتفاع أسعار البنزين و السولار و أمبوبة الغاز التي ربطها بمحدودي الدخل الذين هم من وجهة نظره المقيدين في البطاقة التموينية فقط. هل يعلم الرئيس مرسي بأن هناك الملايين من معدومي الدخل لا يمتلكون بطاقة تمونية لعدم جدوى العائد منها طيلة سنوات النهب الماضية ؟ هل يعلم الرئيس مرسي أن هناك الكثير من المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر لا يمتلكون بطاقة شخصية من الأساس و غير مقيدين في أي كشوف حكومية أو رسمية و أكثرهم من أهالي القرى النائية في الصعيد و سيناء و عشوائيات المدن، فكيف له أن يستخرج بطاقة تموينية بكل ما فيها من روتين و فحص و محص و تدقيق و تزنيق كي يشمله الدعم المزعوم، من يستحق الدعم من وجهة نظرك سيدي الرئيس؟ و فالرئيس يتحدث وكأنه رئيس هبط من الجنة على أهل جنة، لكننا أهل جنة نعيش في نار الغلاء و هدر الحقوق. هل لا يعلم رئيسنا المنتخب ذلك كله؟ ألم يسمع إلى الآن بأن الشعب يريد أن يعيش، يأكل ويشرب و يكتسي و يتعلم و يقضي حاجته بإنسانية و ينام بإنسانية، ويعالج  بإنسانية و يتعلم بإنسانية و يعمل عملًا يوفر له حياة كريمة؟ الشعب لا يريد مانجو سيادة الرئيس، الشعب يريد أن تمر عليه أيام الشهر كاملة دون أن يشعر بضيق حال من سلعه الأساسية.. كالأرز و السكر و الزيت و الخضار و اللحم و الدجاج.. الشعب يريد  ألا يلعن الثورة لأنها قد انتهت بحكم الإخوان سيدي الرئيس. فعندما ضيقت البنك الدولي الخناق على جمال عبد الناصر عندما أراد أن يقيم مشروعًا قوميًا  ضخمًا كالسد العالي قام بتأميم شركة قناة السويس شركة مساهمة مصرية، و الآن شركة قناة السويس معك،  و حقول البترول معك و مناجم الذهب، الفوسفات و الحديد معك، و معك حقول الغاز ومعك بقايا مصانع الستينات التي يمكن أن تبث فيها الروح من جديد لتعمل بكامل طاقتها ومعك الشعب كله لكن لا تثقل كاهله و تنحت جلدته كي تخرج منها ما يقيم حكمك، و ترفع من شأن هذا على حساب ذاك.. كي تعلي مشروع نهضتك الذي لم تظهر له أي ملامح حتى الآن سوى بعض صناديق قمامة هنا وهناك و تحرك أمني طفيف لم يجعلنا نسير آمنين في سربنا حتى الآن. سيدي الرئيس ليس هذا وقت الحديث عن المانجو الذي يهدر مساحتنا المزروعة فمن الأولى أن تتحدث عن القطن الذي اندثر، من الأولى أن تتحدث عن زراعة القمح و زيادة رقعته، أما حديثك عن المانجو فهو كحديثك عن التوكتك في خطابك الأول و الذي يمثل كارثة مرورية حقيقية في مصر، فالحديث يجب أن يكون عن إطعام الناس بأشياء أخرى و ليست الحسبة هي "حسبة مانجو" بل هي حسبة ربما  تعلهما جيدًا أدناها الفول و أعلاها اللحوم .                      

GMT 21:23 2019 السبت ,08 حزيران / يونيو

الثانوية الكابوسية.. الموت قلقا

GMT 19:57 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

نهوض سوريا تهديد لإسرائيل

GMT 19:55 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

تسارع استعادة السيطرة السورية على شرق الفرات ؟

GMT 19:52 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

سورية والعائدون إليها

GMT 19:50 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

لبنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة... وتشوّهين

GMT 22:32 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الحوثيين... ذلك الإعصار المدمر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس مرسي و حسبة مانجو الرئيس مرسي و حسبة مانجو



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon