خالد حماد مدير عام الاتحاد التعاوني المركزي

كشف خالد حماد، مدير عام الاتحاد التعاوني المركزي، أن اختصاصات الاتحاد التعاوني الزراعي وردت في القانون رقم 71 لعام 1980 ولم يرد بها القيام بالعمليات التسويقية إنما وردت في مواد القانون أن ينشأ في الاتحاد صندوق لدعم الجمعيات الزراعية الضعيفة وأي جمعية يمكنها الحصول على القرض باستيفاء الشروط لكن الجمعيات التي تندرج تحت مظلة كيان الاتحاد هي المسؤولة عن التسويق، وهذا أحد مهامها الأصيلة.

وأضاف أن الجمعيات الزراعية لا تسوق إنتاج المزارعين، لأنها إذا جمعت المحاصيل فلمن ستسوق المنتج، وذلك ليس حجة لتَملصها من مهامها فهي لا تملك مشاريع إنتاجية كبيرة تسوق لها المحصول كالمصانع مثلا أو مزارع التربية وهو ما يجب أن تملكه الجمعيات وتستثمر فيه كنماذج التعاون الزراعي في العالم، وفي المقابل فإن القطاع الخاص لا يستجيب لتسوق المحصول من الجمعيات الزراعية وأزمة تراجع اتحاد مربي الدواجن عن شراء الذُرة من الجمعيات بعد توقيع عقد بذلك برعاية وزارة الزراعة خير دليل على ذلك، وأيضًا ما حدث في القطن وتراجع الشركات الكبرى ومنهم الشركة القابضة عن استلام القطن من الجميعات.

وتابع "حماد" أن جمعية واحدة فقط هي التي تملك مشاريع إنتاجية في تربية الدواجن والعجول وبيض المائدة وهي جمعية الإصلاح الزراعي، وما عدا ذلك فإن الجمعيات الزراعية لا تقوم بمهامها في التسويق وإقراض المزارعين وتوفير مستلزمات الإنتاج بالكامل للفلاح وعمل مشاريع تنموية، للإضافة للإنتاج الزراعي واستيعاب إنتاج أعضائها، فالجمعيات الزراعية الآن عبارة عن دكاكين لبيع الأسمدة المدعمة من الدولة وهذا هو نشاطها الوحيد الآن، وتأكد أنه في حالة تحرير الدولة لسعر الأسمدة فإن تلك الجمعيات ستغلق أبوابها على الفور.

وأوضح في ما يخص الفارق بين التجربة التعاونية في الستينات وما يحدث الآن، أنه في ما قبل كان للدولة دور مهم جدا في التسويق الزراعي وضمان حقوق الفلاحين، فكان هناك ما يسمّى بالتسويق التعاوني الإجباري، وكانت الدولة تتعاقد على تصدير حاصلات معينة كالبرتقال والبصل مثلا، وكانت تصدر البرتقال لروسيا في الغالب والبصل يصدر كمحصول أو مجفف في مصانع التجفيف التي كانت تملكها الدولة وتمت تصفيتها، ونعاني الآن بسبب ذلك بالطبع، لكن الآن انسحبت الدولة من منظومة التسويق وطالبت التعاونيات أن تؤدي مهمتها الأساسية وهي تسويق المحاصيل وإنشاء المشاريع التنموية وهو ما لم ولن يحدث لأن الجمعيات لا تملك السيولة المالية لتسويق أي محاصيل إلى جانب أن تصرفها في الأصول التي تملكها لن يوفر لها السيولة للتسويق أو الأقراض، إلى جانب أن الجمعيات لا تملك إدارات للتسويق الخارجي يمكنها من إبرام تعاقدات مع الدول المستوردة.

ولفت إلى أن تلك الحالة سببها أن المنخرطين في العمل التعاوني لم "يفطموا" بعد من تبعيتهم للدولة وتصرف الحكومة في كل شيء وهو ما يخالف المبادئ التعاونية في الأصل، فالتعاوني المصري ليس لديه استعداد لتحمل مسؤوليات كبيرة والعمل المنفرد والتفكير بشكل متحرر بعيدًا عن محاولة الاختباء وراء الدولة التي تريد أن تمارس الجمعيات التعاونية عملها في التسويق والتنمية، لكن رغم هذا لدينا مثال ناجح للجمعية الزراعية للمحاصيل الحقلية بالغربية التي تعمل في تسويق محاصيل أعضائها ولديها مشاريع تنموية نجحت في إقامتها للإنفاق على مستلزمات الإنتاج، وتمتلك شونة لتخزين القمح.

واستطرد أن أهداف التعاونيات مختلفة عن المستثمر الذي يبحث عن الربح بالدرجة الأولى وهو حق مشروع، لكن التعاونيات تعمل بشكل مختلف فهي إدارة تطوعية وتهدف إلى جلب أكبر ربح للفلاح، بينما المستثمر يعمل على العكس وهو الحصول على المنتج الزراعي من الفلاح بأقل سعر ممكن وهو تضارب في الأهداف والمصالح لا يترتب عليه توافق للشراكة في الأصل، لكن رغم ذلك تعديلات قانون التعاونيات رقم 204 لسنة 2014 أتاحت للجمعيات الزراعية أن يشاركها مساهمون من خارجها في المشروعات التي تنشئها بنسبة لا تزيد على 25% من رأس المال وأن لا يترتب على تلك المساهمة أي حقوق للمساهمين في عضوية مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية، وفي رأي هو شرط ينفر القطاع الخاص من شراكة الجميعات التعاونية.

وأردف أن الدولة تحتاج إلى إدراك أن مصر لديها باع في التعاونيات منذ عام 1908 لكن حدث تطورات في الأجهزة التعاونية في العالم لم نواكبها فتأخرنا كثيرًا ويجب أن تتضافر الجهود لتقوية التعاونيات وإزالة السلبيات التي تعوق تطورها، كما أن الدولة لم تلتزم بتطبيق دستور 2014 الذي نص على أن الدولة تلتزم بشراء المحاصيل الزراعية من المزارعين، ولم تفعل هذا النص في المحاصيل الرئيسية حتى كالأرز والذرة والقطن.

واختتم أنه على الدولة أيضًا أن تعلن الأسعار التحفيزية للمحاصيل قبل موسم الزراعة، حتى يقبل الفلاح على زراعتها لضمان الربحية، لكن ما يحدث أن الدولة تعلن الأسعار بعد انتهاء موسم زراعة المحاصيل وأكبر دليل هو محصول القمح الذي ينافسه في المساحة محصول البرسيم المربح للفلاح فيلجأ لزراعة الأخير بدلا من انتظار إعلان الدولة لأسعار منخفضة للقمح بعد انتهاء موسم زراعته رغم كون القمح هو المحصول رقم واحد من حيث الأهمية الاستراتيجية.